dimanche 15 mars 2020

كيف غير كورونا عاداتنا وتقاليدنا ...




بمجرد ما أن حل فيروس كورونا ضيفا ثقيلا وغير مرحبا به و مرغوبا فيه ، مع أول زائر نحو المغرب، سرعان ما توالدت السيول من القفشات والسيكتشات والأغاني والتدوينات والرسائل الإلكترونية والاديوهات، قصد التعريف به تارة والدعوة إلى عدم الخوف منه ، والتحلي بالصبر والسكينة والتعقل لهزمه ، وسرعان ما أضحت الثقافة والعديد من العادات المغربية في تغير مستمر ومضطرد ، تماشيا مع خصائه التي تكمن في سرعة الانتشار بين الأجساد البشرية والتصاقه بالحديد والبلاستيك والخشب وتطايره في الهواء عبر العطس والكحة،  وذلك لمحاربته وتشديد الخناق عليه وطرده بأقل الخسارات الآدمية.
انتشار ثقافة الفيروسات
تغيرت الثقافة والعديد من العادات لدى معظم المغاربة وبل معظم شعوب العالم، فقد أضحى الكل تقريبا صغارا وكبارا ومتعلمين وغير متعلمين على معرفة  بمعنى الفيروس وعلى أنه لا يمكن رؤيته بالعين المجردة وأن فيه النافع والضار والإيجابي والسلبي، وعلى أن فيروس كورونا يعد من الفيروسات الضارة التي تؤدي بصحة الأشخاص  وقد تذهب أحيانا  بحياة البعض في حالة  الإصابة ببعض الأمراض المزمنة، أو في حالة التقدم العمري، وعلى أن العدوى بهذا الفيروس الذي يعد من الفيروسات الخطيرة تتم عبر المصافحة والعناق والسلام باليد  وعن طريق الرذاذ الناجم عن العطس والكحة، وأنه يبقى عالقا لمدة تتراوح مابين اليوم والأربعة أيام حسب كل مكون، ( الحديد ،الألمنيوم ،البلاستيك والخشب)، مما يسهل انتقاله إلى الجسم الإنساني وبالتالي العدوى بإصابته من شخص إلى آخر.
وعي إجراءاتي وتعاون مع المختصين
  نتيجة سقوط العديد من ضحايا فيروس كورونا في إيطاليا وبلدان أخرى ونجاح دول أخرى كالصين في كبح انتشاره والخروج  من الأزمة بأدنى الخسائر، نتيجة فرض بقاء الناس بمنازلهم وعزل الأشخاص المصابين به في المستشفيات حتى يتماثلون للشفاء منه، عمل المغرب بكل نسائه ورجاله وكل فعالياته على التعاون من أجل محاربة هذا العدو والتغلب عليه نفسيا وبدنيا ووقائيا وغذائيا، من خلال العديد من البلاغات والتوجيهات وحتى الأوامر و توجيه العديد من النصائح المكتوبة والصوتية إلى كل الأفراد والأسر المغربية بملازمة منازلهم لكي لا يستفحل عدد الأشخاص المصابين بهذا الفيروس، حتى يتم العمل على تراجعه وتقل الإصابة بعدواه  والتحكم فيه من خلال تحقيق توفير الأسرة لضحاياه، فقد أصبح هناك وعي جمعي وتضامن وطني حيث أحدث "صندوق لمواجهة تداعيات فيروس كورونا"، ثم من خلاله جمع تبرعات مالية هامة وهي لا تزال تزداد يوما عن يوم قصد مجابهة كل ما قد ينجم من أخطار بسبب هذا الفيروس الغير نافع، ناهيك عن مجموعة من التطوعات التي أعلنها المختصون في القطاع الصحي الخاص والعام والمختصون في الأوبئة والمجتمع المدني  ورجالات الأمن والإعلام وعمال النظافة وغيرها من المواطنين الغيورين على البلاد والعباد.
رعب أذكى الأنانية وحجب التفكير
أدخل الفيروس الضار والسلبي، نتيجة الجهل بمعطياته، في بداية الأمر، بعد صدور بلاغات تتناوله وتخبر بإغلاق المتاجر الكبرى التي تضم الأعداد الكثيرة من المتبضعين، إلى  تسارع العديد من المواطنيين المغاربة إلى التسابق والتهافت على اقتناء كل ما صادفهم برفوف المتاجر الكبرى دون أية ذرة من التخطيط  الاقتصادي، وكأن الحياة ستتوقف، نتيجة الهلع والرعب الذي خيم على هؤلاء المتبضعين، وألبسهم رداء الأنانية، وأحجب أبصارهم وأعمى تفكيرهم الجمعي، فجعلهم يتسابقون مابين ردهات المتاجر الكبرى لاقتناء العديد من البضائع التي قد لا يحتاجونها والتي قد تتعرض للتلف نتيجة اقتراب استيفاء تاريخها، وبالتالي الاضطرار إلى رميها في القمامة وتبذير أموالهم وحرمان أبناء جلدتهم منها، وبمقابل هذه الفئة  كان هناك مواطنون تحلوا بالعقل وحسن البصيرة، أغلقوا عليهم منازلهم وفكروا في كيفية إدارة الأزمة، وبالفعل فلم يذهبوا للتسوق حتى أصبحت المتاجر لا تعرف إلا القليل من المتبضعين،  والذين يتخذون الاحتياطات الوقائية ويجعلون فيما بينهم مسافة الأمان، فاقتنوا ما قد يحتاجونه  فعلا وما قد دونوه على أوراق  أو بهواتفهم وحسب ما يناسب إمكانياتهم المادية، وليس رمي النقود من النوافذ كما يقول المثل الفرنسي.
تعلم عن بعد وتفادي مشقة الطريق
على إثر بلاغ وزراة التربية الوطنية،  بمتابعة دراسة التلاميذ والطلبة دراستهم عن بعد، ومع منح بعض الإدارات حرية العمل من المنزل، استحسن العديد من التلاميذ هذه البادرة، التي مكنتهم من الاستغناء عن الاستيقاظ مع آذان الفجر، نتيجة بعد مدارسهم وتكبدهم عناء التنقل وازدحام الطرقات واختناقها، والاستيقاظ حتى السابعة والنصف وتناول فطورهم بشكل كافي وصحي، ثم الشروع في دراستهم بشكل سلس عن بعد وكأنهم في القسم عبر تقنية الويب كام والموقع الخاص بالمدرسة، أو عن طريق الدراسة من خلال القناة الرابعة بالنسبة للأسر التي تقطن بالبوادي والتي لا تتوفر على الحاسوب أوعلى الانترنت، الشيء الذي مكن حتى بعض الأمهات والآباء والكبار من متابعة الدرس مع أبنائهم، واستفادة الكبار من دروس الصغار وخصوصا في اللغة الفرنسية والانجليزية ، واستفادة الذين يعانون من عدم التعلم من دروس الصغار، كما لجأ معظم الطلبة  مستغنين عن مشقة وسائل التنقل ومصاريف كثيرة، إلى تبادل الدروس والمطابع والكتب الإلكترونية فيما بينهم عبر المجموعات الإلكترونية سواء من خلال واتساب أو" تيلي جرام" أو عبر "الفيسبوك" ومن خلال موقع الجامعة وعن طريق اتصال الأساتذة الجامعيين بمنسق المجموعة ومده بالمراجع وماقد يحتاجه الطالب من دروس
رب ضارة نافعة
استحسنت بعض الأسر بقاء أفراد أسرها بالمنزل، واشتغال بعض الأمهات من منازلهم وبقائهن إلى جانب أطفالهم، قصد الاهتمام بهم والعناية بهم وإدخال الآمان النفسي والصحي من خلال طمأنتهم وإدخال السكينة إلى قلوبهم  وعلى منعهم من الخروج إلى الأزقة والعمل على تقديم الوجبات الصحية، التي تحقق لهم مناعة بأجسادهم الصغيرة، كما  اعتبر البعض من خلال مجموعة من التدوينات والتعليقات على أن فيروس كورونا أدخل عليهم العديد من الإيجابيات كالاقتصاد وعدم التبدير وجعل الأكل صحي وبيتي مائة بالمائة انطلاقا من لجوء النساء إلى عجن الخبز وطهوه بالبيت والاستغناء عن الأطعمة الجاهزة، وبالمقابل دونت أمهات ونساء قائلات: "أن ما لم يستطعن تحقيقه في فرض النظام والنظافة طيلة مسيرة عمرية بيوتهن ، فقد استطاعت كورونا تحقيقه في فترة وجيزة، فقد أصبح أطفالهن وأزواجهن لا يدخلون بأحذيتهم حتى إلى عقر المنزل، وأصبحوا متعاونون ومتفهمون"، حيث أضحت النظافة هي سيدة الموقف و بات الكل يقوم بواجباته المتعلقة بالنظافة، إذ أصبح كل واحد يسهر على غسل يديه وكأسه وتنظيف أسنانه ويعمل على فتح نوافذ البيت في حالة انشغال الأم وبتشميس ملاءاته  دون طلب من الأم ، وأصبح رب البيت أو الذي يتكلف باقتناء ما تحتاجه الأسر من أغراض يضع حذاءه بباب البيت  ويخصص حذاءين واحد خاص بالخارج وآخر خاص بالبيت.
مجموعات الكترونية في مواجهة كورونا
 فأمام الهلع الذي خلقته بعض الفيديوهات الرائجة وبعض الرسائل المتناقلة عبر وسائل التواصل الالكترونية والتي تحوي في طياتها معلومات زائفة، لعبت بعض المجموعات بفضاء التواصل الاجتماعي  ولا تزال تلعبه دورا حيويا في إذكاء روح المواطنة ونشر الطمأنينة والسكينة فيما بين الناس، حاملة رسالة التآزر والتعاون  والاشتغال على نفسية الناس، منها مجموعات نسائية، كان هدفها الدفاع عن القضية النسائية، وأضحى مع هذا المستجد هو الدفاع عن صحة النساء والأسرة المغربية، ومجموعة طلبة علم النفس الذين يلعبون دورا حيويا في نشر الطمأنينة والسكينة، اعتبارا من كون المناعة النفسية أساس المناعة الجسدية، حيث لجؤوا إلى الحث إلى التعقل وحسن تدبير التصرف على الدراسة والوعي والتشجيع على قراءة الكتب واستغلال هذه الفترة بالدراسة والاشتغال عن الذات وتطوريها وتغيير السلوك إلى ماهو أحسن وأفضل لإعلان الحرب على هذا العدو الذي لا تراه الأعين المجردة  والانتصار عليه واقتلاعه  من المغرب بأقل الخسائر على جميع المستويات، ومنوهة ومذكرة بكل المجهوذات والتعاون المغربي وأنه يسير نحو الطريق الصحيح والنجاح والانتصار على كورونا.