dimanche 15 mars 2020

كوورونا: تؤلف قلوب مغاربة العالم وتفتق المواهب والإبداعات

 


حياة البدري

 

كرونا تؤلف بين قلوب مغاربة العالم

فبمجرد ما بدأت كورنا تنتشر بين صفوف المغاربة، حتى بدأت تهل علينا العديد من الرسائل والفيديوهات والأديوهات من أبناء الجالية المغربية الأبرار، ولا تزال تبعث وتنتشر بين حساب المجموعات والأفراد بكل وسائل التواصل الاجتماعي، منوهة بالغيرة الكبيرة والحب الأعمق بين أبناء البلد الواحد، مهما بعدت المسافات وكثرت سنوات المكوث والاستقرار ببلدان المهجر، سواء من قبل مجموعة من الدكاترة المغاربة أوالطلبة المنتشرين بالعديد من دول العالم أو من قبل المواطنين المغاربة الذين يشتغلون بجميع القطاعات منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيولوجية والتعليمية والميكانيكية وغيرها من قطاعات دول المهجر، واندمجوا كل الاندماج بدول المهجر وأصبحوا مواطنين صالحين له وناجحين ويعول عليهم فيه، ولكنهم لم ينسوا ولو لبرهة بلدهم الأول المغرب وجذورهم الأصلية بالتربة المغربية، ولعل خير دليل على هذا التعلق بالوطن الأصلي، تلك الرسائل المنوهة والمشجعة والمتغنية بالاستراتيجية والخطة الاستباقية التي انتهجها المغرب، اتجاه فيروس كورونا من أجل حماية مواطنيه من تفشي الفيروس بشكل مهول، وتلك الفيديوهات والأديوهات المحذرة والتي تترجى أخذ الحيطة والحذر وعدم الخروج، مدرفة الدموع مخافة من انتشار وباء كورونا وفقدان العديد منهم كما حدث بايطاليا واسبانيا وفرنسا وغيرها من الدول التي تفشى فيها الفيروس بشكل متسارع وخلف العديد من الضحايا.

نباح ونعاق وعواء في زمن كورونا

إلى جانب الكلمات والتصريحات والفيديوهات والأديوهات التي تدل على المحبة الكبيرة والوطنية الصادقة والوفاء للبلد الأصلي، التي بعث بها مغاربة العالم نحو إخوانهم بالمغرب، كان هناك بعض من النباح والصراخ والعواء والسلوكيات غير المستساغة وغير المسموحة في حق الراية المغربية والوطن المغربي، من طرف أشخاص أطلق عليهم المغاربة في فضاءات التواصل الاجتماعي بغربان وكلاب وذئاب زمن كرونا، لكونهم يحاولون التنكيل بالسمعة المغربية والمساس بمقدساتها ، من خلال السباحة في المياه العكرة، أولئك الدين وصفهم رواد فضاءات التواصل الاجتماعي بالخونة و"بياعي الماتش"، الذين يغارون من كل نجاح مغربي حتى في زمن انتشار الفيروس، وقابلية التعرض في أي لحظة للعدوى والإصابة و للموت، مستغربون ومستعرون من هذه السلوكيات التي نعتوها بالضاربة في الوحشية والمقت  والخبث والقرف والدناءة البربرية، بل والحمق الإنساني واللا إنسانية وعبودية المال والآخر، والتنكر للوطن وغيرها من الأوصاف، وطالبوا بضرورة معاقبة كل من سولت له نفسه المس بمقدسات الوطن  والرد على كل كاره وحاقد على البلد حتى وإن كان يبحث عن الاعتراف والشهرة والاسترزاق من خلال هذه التصرفات التي تنم عن الكراهية و الغل المرضي والحقد الدفين الذي مهما طفا على السطح ومهما حاول العواء والنباح والنعاق، سواء في زمن الكورونا أو غيره، لن يمس من وحدة المغرب وتماسكه ولن يوقف توحده وتآزره .

كرورونا تمحي الأحقاد وتصلح أعطاب الزمن

استطاعت جائحة كورونا أن تمحي الأحقاد من الصدور وتنثر الرأفة والتسامي والتسامح بين الصدور الحاقدة والغاضبة وتعيد الحب والتعاون والتصالح بين مواطني البلد أينما كانوا بكل ربوع العالم الواحد والعائلات والأسر، فبقدر ما أصابت العديد من الأفراد على المستوى العالمي، سواء بالإصابة بالعدوى أو عبر ما خلفته من وفيات في صفوف الكثير من الدول في كل ربوع العالم،  بقدرما أحيت قلوبا كان محكوم عليها بالجفاء والكفر بقرابة الدم والوطن والتحجر والتصلب والقطيعة، نتيجة سوء تفاهم بسيط انقلب في غياب اللين والتفهم والتعقل، إلى ركوب الرأس والتسلط والرأي الواحد وإلى غضب وقلق قاتم ، إلى قلوب خاشعة ومتسامحة ومؤمنة ومحبة ومتآزرة ومتعاطفة، فكم من تصريحات وأديوهات  تدوالتها  فضاءات التواصل الاجتماعي بكل أشكالها وألوانها منها المسموعة والمباشرة والمسجلة، التي تحتت على التصالح والتسامح والتآزر بين أفراد الأسر والعائلة، والتي أعطت أكلها بشكل أنجع و ظهر تأثيرها الأكبر بشكل ملموس مع حلو شهر رمضان، إذ كثرت فيه رسائل الاعتذارات على شكل أديوهات وأغاني بأصوات عذبة وكلمات منتقاة ورسائل مكتوبة بخطوط جميلة وصور مختارة بعناية فائقة، قصد إدخال وإعادة دفء المحبة وإذابة جليد الغضب والقطيعة الذي راكمته سنوات الجفاء، فكان الصلح وإعادة المياه إلى مجاريها الطبيعية، بين الإخوة بعد القطيعة نتيجة مشاكل الإرث أو مشاكل أخرى ، وبين الجيران وزملاء العمل الواحد وبين الزوجة وزوجها والحماة وزوجة ابنها وبين أخوات الزوج وزوجات إخوانهم، وبين إخوة الحزب الواحد وغيرهم.

كورونا تفتق المواهب والإبداعات

مباشرة مع الحجر الصحي، وعودة الإنسان إلى ذاته والجلوس معها ومنحها وقتا للتفكير وللخلوة معها، والغوص فيها ثناياها وإعادة التفكير في العديد من الأمور، سرعان ما تفتقت المواهب وسالت الكلمات الجياشة، فكثرت الإبداعات واللواحات الفنية بكل أشكالها وألوانها، فطلت على فضاءات التواصل الاجتماعي، قصائد شعرية صوتية ومكتوبة، في غاية العمق والتفكير في الأنا والكون وفي الحياة والموت، وفي التغني بالوطن والوطنية، والنصوص الأدبية الجميلة ذات البعد الإنساني بأسلوب سلس وحبكة شاعرية، ونشرت عدة اسكيتشات توعوية تربوية تحث على الحجر الصحي بملح ترفيهي يصل بشكل أسرع إلى اللاوعي الجمعي، بالإضافة إلى المقالات النفسية التي تحث على مجموعة من الطرق والوسائل لتبديد الخوف وتحقيق المناعة النفسية ومقالات أخرى تتعلق بعلم النفس الاجتماعي، وخطابات وحوارت تتعلق بعلم الاجتماع النفسي بكل ألوانه، أوصت بها صفحة علم النفس في شخص رئيسها مركزة على ضرورة مشاركة أساتذة علم النفس بكل شرائحه وطلبة ماسترات علم النفس لنشر الهدنة النفسية وتحقيق المناعة النفسية التي لها دور كبير في تحقيق المناعة الذاتية، ناهيك عن تأسيس مجموعات جديدة بالواتساب لطلبة علم النفس، التي اتخذت على عاتقها نشر الكلمة المطمئنة والايجابية والانخراط في تقديم القفة لكل محتاج، ومجموعات أخرى عمدت إلى تشجيع الطلبة على المثابرة وعدم الإحباط من خلال نشر العديد من الشروحات والتفسيرات الصوتية والمناقشات لكل الدروس التي يضعها الأساتذة بموقع الكلية، ومن خلال تبادل كتب مكتوبة ومسموعة عرفت رواجا كبيرا خلال فترة زمن الحجر.    

 الصور الجميلة لتحدي كورونا

اختارت بعض الحسابات بالفيسبوك، والتي كان على رأسها نساء ، نشرالجمال والصورة الجميلة لتحدي فيروس كورونا وإشاعة التشجيع على الايجابية والتحلي برفع المعنويات وعدم التقوقع والانطواء على الذات والمعاناة في صمت، فانطلقت الصور الجميلة والمصحوبة بالكلمة العذبة تغزو الفضاء الأزرق الذي باتت حلته الزرقاء ترفل في السواد ونشر أخبار الموت الدولية المتتالية وكل ما يتعلق بجائحة كورونا بالمغرب ، وذلك بغية الحد من السوداوية ولتحدي الحزن،  حيث عمدت العديد من الحسابات النسائية إلى الإبداع من خلال الصورة الجميلة والطلة الأجمل، فكانت المرأة المحامية ، الشاعرة ، الكاتبة ،الصحافية والأستاذة الجامعية، المعلمة وربة البيت والمتقاعدات والبرلمانية السابقة، الطبيبة والطالبة وغيرها من النساء، تحارب الملل والخوف الكوروني، من خلال وجهها المجمل وبلباسها  المغربي الأجمل "التكشيطة" وبسمة ثغرها المزين بلون الحرية والأمل أو لون الثورة ضد البؤس والتشاؤم الكوروني، موجهة التبريكات بحلول شهررمضان وانتهاء الأحزان كما فعلت المحامية ورئيسة اتحاد العمل النسائي عائشة لخماس، وإما وهي جالسة جلسة القرفصاء أمام صينية الشاي وسط  صالون مغربي بامتياز، كما عمدت الشاعرة البوعناني، أو أنها وسط حديقة فيحاء، أو وسط الزهور والورود، أومع ثلة من الرموز الفكرية أو الفنية أو السياسية  أو مجموعة من الصديقات والمناضلات وهن في أوج النشاط والفرح بتحقيق النجاح، فهكذا عملت العديد من النساء على الصدح بانتصار الجمال على القبح والخير على الشر،والصحة على المرض والأوبئة...وهن يوجهن الدعوة إلى صديقاتهن وأصدقائهن للحذو حدوهن ومؤكدات على أن زمن كورونا "محدود" وأنه لا محالة سينتهي وأن الحياة ستعود بعض الحجر الصحي إلى حالها الأول وربما إلى ما أحسن وأكثر عقلانية وجمالا وصحة بعد معرفة قيمتها الحقيقية.