mercredi 8 décembre 2021

إصدار جديد: "علم النفس المعرفي وإشكالية اكتساب اللغة عند الطفل"

 


          من خلال دراسة سيكولوجية ميدانية مغربية حديثة

          إصدار جديد: "علم النفس المعرفي وإشكالية اكتساب اللغة عند الطفل"

حياة البدري

أصدر رئيس شعبة علم النفس كلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق بمدينة البيضاء، الدكتور عبد القادر أزداد، مؤخرا كتابا جديدا بعنوان "علم النفس المعرفي وإشكالية اكتساب اللغة عند الطفل"، موضحا فيه أن الطفل عادة ما يستعمل ألفاظا وكلمات ومفاهيم تعبر عن حالات سيكولوجية وذهنية، كالأفكار والرغبات والمقاصد والمعتقدات والأفراح والأحزان.

ويكشف كتاب "علم النفس المعرفي وإشكالية اكتساب اللغة عند الطفل”، الصادر عن دار الريان للطباعة والنشر بمدينة الدار البيضاء، من خلال دراسة سيكولوجية ميدانية مغربية حديثة، شملت حوالي 120 فردا تتراوح أعمارهم بين 4 و12 سنة، من أصول متقاربة اجتماعيا واقتصاديا، تم اختيارهم عشوائيا من بعض المؤسسات التعليمية المغربية، على أن الطفل يمتلك معارف مبكرة حول طبيعة الذهن وأساليب اشتغاله وأنشطته المختلفة، بما فيها الأنشطة اللغوية.

وتناولت دراسة الكتاب، طرح مجموعة من الأسئلة المباشرة التي تهدف إلى معرفة مدى تمكن الطفل من معرفة دلالة الفعل السيكولوجي موضوع التجربة، ثم مدى قدرته على تعميمها على الأفراد الآخرين والتبريرات الصحيحة والسياقية والتجريدية، من خلال استواجبهم حول 10 أفعال (أحب، كره، فرح، حزن، جهل، عرف، تذكر، نسي، فكر وفهم)، وهي أفعال سيكولوجية لها حمولة وجدانية وذهنية، وذلك بالاعتماد على مقومات إحصائية عدة، من بينها المعدلات الحسابية للتكرارات المتعلقة بالأجوبة، للحصول على قيم الحصيص لمختلف أنواع الإجابات والتبريرات المقدمة تبعا لعاملي السن والسياق.

 ويوضح الدكتور عبد القادر أزداد، أن "الأطفال ما بين سن 4 و12 يكتسبون دلالة الفعل السيكولوجي بشكل تدريجي عبر المراحل العمرية المدروسة، حيث يتمكنون في النهاية من تحديد الدلالة الصحيحة للفعل السيكولوجي في استقلال تام عن السياقات المألوفة لديهم"، مبرزا أن "اكتساب دلالة الفعل يتأثر بعامل السن، حيث يرتبط في البداية بالسياق، ليستقل تدريجيا، وأن الأطفال في سن مبكرة يعتبرون أن دلالة الأفعال السيكولوجية المدروسة جزء من تمثلاتهم لأساليب وكيفية استعمال الأشخاص لهذه الأفعال"، وأن "الاستقلال التدريجي لدلالة هذه الأفعال لا يتم إلا في سن متأخرة، من خلال تمكن الأطفال من تحديد صحيح لمدلول الفعل السيكولوجي المدروس، وكذا استطاعتهم تعميم هذه الدلالة لتشمل أشخاصا آخرين".

وللإشارة، يهدف إصدار“علم النفس المعرفي وإشكالية اكتساب اللغة عند الطفل”، والذي حظي بتقديم المفكر والسيكولوجي الغالي أحرشاو، إلى مقاربة التمثلات والأحكام لدى عينة من الأطفال المتمدرسين بناء على أهمية ودور عاملي السن والسياق في اكتسابهم لدلالية الأفعال السيكولوجية المدروسة، مبرزا في تقديمه للكتاب إلى"التعامل مع المتعلم في المدرسة كعنصر نشيط وفعال قادر على التحليل والتنظير قبل انخراطه في سيرورة التعلم المنظم، لأنه يمتلك منذ سن الرابعة نظرية ذهنية تمكنه من استعمال طبيعي أولي للأفعال السيكولوجية، ليوظفها في حدود سن العاشرة بشكل قصدي واع نتيجة تقدمه في السن والتمدرس".

وأضاف الدكتور الغالي أحرشاو أن “الطفل لا يأتي إلى المدرسة صفحة بيضاء كما يعتقد ويشاع في الغالب، بل يجيء إليها محملا بمعارف وكفاءات أولية تؤهله للتعامل مع النظام اللغوي فهما وإنتاجا، تمثلا وتواصلا، تركيبا ودلالة”مؤكدا على ضرورة “قيام المدرسة بتصحيح وتطوير وتجويد المعارف والكفاءات التي يتملكها الطفل، لكي تأخذ طريقها نحو التماسك والاكتمال والشمولية والتجريد”.

وإذا كان الرهان الأساسي للكتاب سيكولوجيا في جوهره، فهو يبقى تربويا بداغوجيا في مراميه، حيث يستهدف تعبئة أطراف الفعل التربوي وتحفيزهم على التعامل مع المتعلم كعنصر نشيط وفعال، قادر على التحليل والتنظيم قبل انخراطه في سيرورة التعليم المنظم، ومهم جدا الانفتاح على مثل هذه الدراسات الدقيقة والعلمية لتجاوز مشكل التعليم والتعلم لدى الأطفال المغاربة، من خلال الاهتمام بإشكاليات أخرى تهم صلب السيكولوجيا المعرفية، من قبيل نظرية الذهن والمنطق القضوي والتمدرس من جهة، وإغناء لمجال البحث السيكولوجي في بعده السيكولساني الذي ينفتح بالأساس على دراسة لغات أخرى كأنظمة للإنتاج والتلقي للفهم والتحليل والتمثل والتواصل من جهة أخرى.