lundi 29 octobre 2018

"العدالة، الطب الشرعي ومناهضة التعذيب"




حياة البدري
نظمت الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب، يوم السبت 27 أكتوبر2018، بكلية الطب والصيدلة بالبيضاء، ندوة حول "العدالة، الطب الشرعي ومناهضة التعذيب"، ابتداء من الساعة التاسعة صباحا إلى غاية الخامسة بعد الزوال، بهدف إشاعة معرفة حقوقية علمية تساعد الفاعلين والنشطاء والمهتمين بالمجال الحقوقي والقانوني والتمكن من أدوات فعلية لمناصرة ضحايا التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، وتم التطرق خلالها إلى محوري "دور مهنيي الصحة في محاربة آفة التعذيب، ومحور"دور المجتمع المدني في التوثيق والتحقيق حول التعذيب".

وركزت ندوة"جمعية إعادة تأهيل ضحايا التعذيب" على الدعوة إلى خلق تحقيق دينامية مشتركة تجمع مابين مهنيي الصحة والقانون من أجل تعزيز مجهودات لمناهضة التعذيب والوقاية منه والتكفل بضحايا التعذيب، المساهمة انطلاقا من توفير معلومات علمية وعملية دقيقة، في نشر ثقافة حقوقية رصينة تمكن من المساعدة على توفير قواعد إثبات حقيقية، تستخدم في المتابعات الإدارية والقضائية.

كما ألحت جمعية إعادة تأهيل ضحايا التعذيب، إلى توفير الرعاية الطبية للضحايا، واستحضار المعايير المتعارف عليها دوليا، وتوفير الاحتياجات العلاجية لضحايا التعذيب أو سوء المعاملة وإجراء التحقيقات السريعة والنزيهة في كل ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة والعمل على تحريك المساطر القضائية والادراية في مواجهة كل من ثبت تورطه في أفعال التعذيب، وحماية الضحايا وعائلاتهم والشهود وتمكين الضحايا من جبر الضرر وتشجيع انتشار الطب الشرعي والرفع من عدد الأطباء الشرعيين الذي يكمن فقط في 14 طبيبا شرعيا. 

  وشهدت ندوة "العدالة، الطب الشرعي ومناهضة التعذيب" تدخلات بعض ضحايا التعذيب بتيندوف، سردوا خلالها وقائع التعذيب الخطيرة والمحزنة، التي مورست عليهم، والتي لم تندمل جروحها وآثارها النفسية لحدود الساعة، بالإضافة إلى تدخلات الحقوقيين و جمعيات المجتمع المدني، التي تطرقت إلى العنف البدني وخاصة النفسي الذي يطال نسبة كبيرة من النساء سواء لدى المساعدات بالبيوت أوالزوجات ببيت الزوجية أو من قبل رب العمل أو في الشارع، وما تعرفه بعض النساء والفتيات من اختطافات وتعذيب في حقهن، والذي يرقى إلى مستوى التعذيب، والتساؤل حول آليات إثباته، وكيفية إنقاذ هذه الشريحة من التعذيب النفسي الذي لا تندمل جروحه ويؤدي إلى العديد من الأعطاب والأمراض.

وأوضحت ندوة الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب، على كون التعذيب يعد جريمة بمقتضى الدستور والقانون الجنائي والتزامات المغرب الدولية، التي تشكل جزءا لا يتجزأ من المقتضيات القانونية الوطنية، والتي تتطلب اتخاذ إجراءات تشريعية ومؤسساتية وعملية لمناهضة جريمة التعذيب والوقاية منها. مركزة أن إثبات التعذيب أو سوء المعاملة، أو العقوبة، يقوم بالدرجة الأولى على دلائل طبية، تساعد رجال القانون والقضاء، على إقامة العلاقة السببية بين الوقائع المادية والادعاءات وصولا إلى تطبيق الجزاءات المناسبة لكل فعل، وان الطب الشرعي يحتل مكانة مركزية في قضايا التعذيب، إضافة إلى إمكانية اللجوء إلى شعب طبية متخصصة عند الاقتضاء، لتقديم دليل قاطع على انتهاكات التعذيب المحتملة.

 وأبرز عبد الكريم المنوزي، على أن المجتمع الدولي قد توصل إلى إنتاج "دليل للتقصي وتوثيق الفاعلين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"، المعروف ب"بروتوكول اسطنبول" والذي يعد ثمرة مجهود 3 سنوات من العمل لأزيد من 40 منظمة دولية، وأزيد من 75 خبير دولي في مجالات الطب والقانون وحقوق الإنسان، وهو بالرغم من كونه ذو طابع دولي، و دليل ناجع وعملي بخصوص ادعاءات التعذيب أو سوء المعاملة، ويعتمد ضمن مرجعيات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، يبقى مفعوله ضعيف الحضورعند ممارسي المهن أو القانونيين أو الحقوقيين، نتيجة الحضور الباهت للقانون الدولي، ولحقوق الإنسان بمنظومتنا التعليمية والتكوينات ذات الصلة بالمجال القضائي.