الصحة النفسية هي عبارة عن تحقيق التوافق
الداخلي بين مكوّنات النفس من الجزء الفطري وهو الغرائز والجزء المكتسب من البيئة الخارجية
وهو الأنا الأعلى، والمرض النفسي هو عدم تحقيق هذا التوافق الداخلي.
تعرف الصحة
النفسية العديد من التعاريف، أبرزها هي اكتمال السلامة العقلية والاجتماعية والبدنية،
كما أنها ليست مجرد انعدام وجود مرض مزمن أو عجز ما، بل هي حالة العافية السائدة التي
يتمتع بها الفرد في أغلب ظروفه، بحيث يتمكن من توظيف مهاراته وإمكانياته في تحقيق الإنجازات،
وقدرته على التكيف العام مع حياته في جميع ظروفها، وهي أيضا التوافق مع المجتمع وعدم
الشذوذ عنه وعدم مخالفته، وهي قدرة الإنسان على التقدّم و التطور بما يتناسب مع مرحلة
النمو، أما المرض النفسي، فهو فقدان قدرة الإنسان على التطور المناسب لمرحلة النمو،
وهو عبارة عن افتقاد التوافق مع المجتمع والشذوذ عنه.
التوازن
النفسي
يعيش كل فرد منا
حياة مليئة بالتغيرات المختلفة والمتسارعة، التي تشوب المجتمعات الحديثة، تؤثر على
اتجاهات الأفراد ومستوى حاجاتهم، الشيء الذي يتسبب في ظهور الحاجات النفسية بشكل متجدد
ومتواكب مع تطورات العصر الحديث، ويؤدي عدم تلبية هذه الحاجات إلى إحداث خلل كبير في
تكيف الفرد واستقراره، وإلى ظهورالعديد من المشكلات النفسية والاجتماعية، حيث يجب
أن يسعى الفرد إلى الوصول إلى التوازن النفسي، الذي يتيح له الاستمرار في حياته بمستوى
الراحة النفسية والاستقرار الذاتي المطلوب، والذي يستوجب توظيف نظريات علم النفس بالحياة
اليومية للفرد، للوصول إلى هذا الاستقرار، أو الصحة النفسية.
فما هي أهم
العناصر والطرق التي تلعب دورا هاما في تحقيق الاستقرار والتوازن والصحة النفسية؟
عرفت الدراسات التي
تختص بالصحة النفسية، ازديادا ملحوظا نتيجة ارتفاع انتشار كثرة الأمراض النفسية كالاكتئاب،
التوتر، والقلق المرضي، والتي تسببها ضغوطات الحياة المختلفة، الشيء جعل المختصون
في علم النفس يعمدون إلى تقديم العديد من الطرق والإستراتيجيات والنصائح قصد تحسين
مستوى جودة الأداء الذاتي والنفسي للفرد وتحقيق التوازن النفسي والصحة النفسية
وتحقيق الشعور بالمتعة والسعادة والراحة في الحياة.
تغذية
سليمة ومتوازنة
ينصح المختصون
للحفاظ عل الصحة النفسية باتباع نظام غذائي صحي يحفز الصحة النفسية، ويقدر على
توفير فوائد عديدة لها، يحتوي على البروتينات، لكونها تمد الدماغ بالحمض الأميني من
نوع تربتوفان والمعروف بقدرته على تحسين المزاج، مما يستلزم الحرص على تناول صنف غذائي
يحتوي على البروتين في كل وجبة، كالسمك، أو الديك الرومي، أو الدجاج، أو اللحم، أو
البيض، أو البقوليات، أو الحليب، أو الجبن، أو اللبن، أو المكسرات، أو البذور، وزيت
الأوميغا 3 الذي يقلل من أعراض الاكتئاب، وتناول
الأغذية الغنية به، كالأسماك الزيتية أو زيت بذور الكتان، أو الجوز، أو تناول مكملات
الأوميغا 3 الغذائية، وتناول نظام غدائي منخفض الدهون المشبعة، والذي يعد أحد أفضل
الأنظمة الغذائية التي يمكن اتباعها، والذي يتضمن استهلاكا كبيرا للفاصولياء، والحبوب،
والمكسرات، والبذور، والأطعمة النباتية، والفواكه، بالإضافة إلى استهلاك الأسماك ومنتجات
الألبان والدواجن باعتدال، واستهلاك السكريات واللحوم بكميات منخفضة، مع الإكثار من
شرب الماء و السوائل، لتجنب الإصابة بالجفاف الذي يؤدي إلى الشعور بالارتباك وفقدان
القدرة على التركيز، والعمل على تجنب اتباع النظام الغذائي القاسي لفقدان الوزن الزائد
بسرعة، لأنه يؤدي إلى اضطراب المزاج نتيجة حرمان الدماغ من الجلوكوز والمواد المغذية
الأخرى التي تتحكم في الحالة المزاجية للشخص، حيث يجب فقدان الوزن بطريقة معقولة عبر
اتباع نظام غذائي صحي متوازن وممارسة التمارين الرياضية
.
ممارسة
الرياضة
تعتبر ممارسة الرياضة
من أكثر الطرق الفعالة للحفاظ على الصحة النفسية للشخص، فممارسة التمارين بانتظام،
لها تأثير إيجابي في التخلص من الاكتئاب، والقلق، والتوتر، وتعزيز الذاكرة، والمزاج،
والثقة بالنفس، وتحسين القدرة على النوم، وتنشط وتزيد الطاقة الإيجابية بالجسم
وتبعث السعادة في النفس، والجدير بالذكر أن الصحة البدنية ترتبط ارتباطا وثيقا بالصحة
النفسية، وأن ممارسة أي نوع من الرياضة يحقق هذه الفوائد بغض النظر عن العمر ومستوى
اللياقة البدنية.
نوم جيد
يرتبط النوم ارتباطا
وثيقا بالصحة النفسية والعقلية للشخص، إذ يعاني المصابون بالأمراض النفسية غالبا من
الأرق وغيرها من اضطرابات النوم، ولم يكتشف العلماء لحد الآن وجه الصلة بينهما، ولكن
ترجح بعض الدراسات على أن النوم الجيد يمكن أن يلعب دورا مهما في تعزيز السلوك النفسي
والعاطفي للشخص، وللحصول على قسط كاف من النوم، يوصي الخبراء بالذهاب إلى الفراش والاستيقاظ
في الوقت نفسه كل يوم، حتى خلال أيام العطل، لأن الروتين يعزز دورة النوم والاستيقاظ
في الجسم، وبالتالي تعزيز الحصول على النوم بشكل أفضل ليلا، والعمل على تجنب تناول
المشروبات التي تحتوي على الكافيين والكحول والإقلاع عن التدخين، وممارسة الرياضة،
والتمارين الهوائية بشكل منتظم لكونها تعزز من قدرة الشخص على النوم بشكل أسرع والنوم
بعمق لفترة أطول، مع الحرص على أن تكون غرفة النوم مظلمة وخالية من كل ما يشتت القدرة
على النوم، مثل التلفاز أو الحاسوب، مع الحرص على تخصيصها للنوم، فمن المعروف أن مشاكل
النوم قد تؤثر في الصحة النفسية للفرد، حيث أظهرت دراسة أجراها باحثون من معهد جورج
للصحة العالمية أن الأشخاص الذين ينامون أقل من 5 ساعات في الليلة قد يكونون أكثر عرضة
للإصابة بالأمراض النفسية.
استرخاء
وتأمل
ينصح المختصون
بمنح النفس لحظات من الصفاء الذهني والجلوس في مكان بعيد عن الفوضى والضوضاء، كالغابات
والحدائق، والعمل على تعلم تقنيات الاسترخاء، كتمارين التنفس العميق، وممارسة التأمل
والتفكر والعبادة وممارسة ليوغا، من أجل الاسترخاء التدريجي للعضلات، الطي يحسن نوعية
حياة الفرد، ويعزز صحته النفسية، ويخفف من القلق والتوتر، ويقلل من أعراض الأمراض النفسية،
وتعلم التقنيات السلوكية المعرفية دورا في تغيير التوقعات السلبية للشخص المصاب بالأرق،
نصائح
مضافة لا يجب إغفالها
بالإضافة
إلى ما سبق، يؤكد المختصون على اتباع مجموعة من النصائح التي تساعد على التمتع بصحة
نفسية جيدة، كبناء علاقات جيدة مع الآخرين، بما فيهم الأصدقاء والعائلة وزملاء العمل،
لأن بناء علاقات جيدة مع الآخرين يساعد الفرد على الحصول على حياة أفضل، والعمل
على تحديد نقاط قوة الشخص، حيث يجب أن يركز الفرد على نقاط القوة لديه، وأن يحاول تعزيزها،
وأن يعامل نفسه باحترام ولطف، وأن يتجنب جلد ذاته والتقليل من شأنها والسعي نحو
تقديرها واحترامها ، وأن يضع أهداف واقعية للحياة، تتعلق بالجوانب الأكاديمية، والمهنية،
والاجتماعية، واتباع خطوات عملية لتحقيقها، لما لذلك من دور في تحسين الصحة النفسية، ويتيح للفرد الشعور بلذة النجاح والإنجاز، وبالتالي
التمتع بحالة نفسية أفضل، والعمل على تعلم أشياء جديدة كل فترة، كتعلم لغة جديدة، أو
مهارة ، إذ من شأن هذا تنشيط العقل والدفع
إلى التعامل بطريقة مختلفة وجيدة
مع ما يحط بالمرء، مع تركيز المختصين على الابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية والتكنولوجية،
كالهاتف، والتلفاز قدرالإمكان، وتمضية بعض اللحظات مع الأطفال، واللعب معهم، واستشعار
السعادة برفقتهم، ومن الممكن استثمار برامج التواصل المرئية والسمعية في الهواتف، لتدعيم
العلاقات الاجتماعية والحفاظ عليها من الاندثار.