mardi 19 mars 2019

وضعية المرأة المغربية بين التشريع والممارسة




حياة البدري

"وضعية المرأة المغربية بين التشريع والممارسة"، موضوع الندوة التي نظمتها الجمعية المغربية لمساندة الأسرة، بمناسبة الثامن مارس، يوم الجمعة 15 مارس، بنادي الهمداني بالبيضاء، والتي تم التطرق فيها إلى شق المرأة والسياسية،"مآلات المساواة بين الجنسين ..التشريع والتفعيل"  والذي كان من تأطير الدكتور رشيدة بن مسعود، والمرأة والاقتصاد،"الحقوق الاقتصادية للمرأة بين الواقع والأفاق"، والذي قدمته الدكتورة صباح الشرايبي، ثم شق المرأة والقانون والذي الذي تطرقت إليه كل من رئيسة اتحاد العمل النسائي، عائشة لخماس والقاضية نادية الحسناوي.

 وأجمعت ندوة "وضعية المرأة المغربية بين التشريع والممارسة" التي نظمتها الجمعية المغربية لمساندة الأسرة ، والتي عرفت مداخلات غنية وقيمة وحضورا نوعيا، على أنه بالرغم من التطور التاريخي و الدورالفعال الذي تلعبه المرأة ومساهماتها الكبيرة والواقعية في مجتمعها ، لا تزال تعاني التمييز والدونية والهشاشة والميز المبني على النوع، من حيث المستوى السياسي والاقتصادي والحقوقي والقانوني، خالصة إلى التأكيد على ضرورة تحقيق المساواة التي جاء بها دستور2011، وتغيير مدونة الأسرة وسن قوانين واضحة تسد الطريق على كل تحوير أو تمييز.  

 وكشفت ندوة "وضعية المرأة المغربية بين التشريع والممارسة"، بخصوص الشق السياسي الذي تطرقت إليه الدكتورة رشيدة بن مسعود، أنه بالرغم من كون التنصيص القانوني الذي يدعم رفع تمثيلية النساء في المشاركة السياسية عدديا، إلا أن تواجدها في مراكز القرار، لايزال ضعيفا إلى منعدم في رئاسة الجهات والجماعات، وهو يحتاج إلى بلورة نصوص قانونية إضافية واضحة ودقيقة، تلزم الهيئات الحزبية والسياسية بترشيح النساء ليس فقط من أجل الحضور كعضوات في المجالس، وإنما لشغل مواقع الرئاسة فيها، وأن تكون المنافسة السياسية بين النساء حاضرة بقوة، وأن لا يختزل حضورهن فقط كجنس وكعدد كمي دون استحضار معايير الكفاءة وحسن التدبير.

وأوضحت الندوة من ناحية الشق الاقتصادي، الذي تناولته الدكتورة صباح الشرايبي، تحت عنوان: "الحقوق الاقتصادية للمرأة بين الواقع والآفاق"، كاشفة أنه بالرغم من كون النساء بالمغرب، أصبحن يشكلن نسبة 52% في المجتمع، وبالرغم من كون المرأة المغربية، تمثل أكثر من ثلث القوى العاملة في القطاع الحكومي، بنسبة تقدر ب35  في المائة، فإن نسبة تأنيت مناصب القيادة والمسؤوليات لا تتجاوز إلا 19 فقط في المائة. وبالرغم من كون المرأة تعد عنصرا فعالا في اقتصاد المجتمع، وتعيل أكثر من 16.2 في المائة من الأسر، هناك تمييز في الضمان الاجتماعي حيث تعطى الأولوية للرجل على المرأة.

 وأبرزت صباح الشرايبي، ضعف حضور النساء على المستوى الاقتصادي، بموازاة حضورها في الساحة الاقتصادية، نتيجة العديد من الإكراهات، كالأحكام الثقافية السائدة، التي لا تشجع النساء على الاشتغال في المقاولة الخاصة، وتحثها على الاشتغال بالقطاع العمومي، بالرغم من تمكن المرأة وكفاءتها وقدرتها على العمل بكل القطاعات، كما أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأفراد والتي ترتبط بكرامتهم، تبقى من الجيل الثاني من الحقوق، في حين يتطلب النهوض بالحقوق السياسية والمدنية، النهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمساواة بين الجنسين على مستوى الواقع والتشريع، وغيرها من الإكراهات التي تقف حجر عثرة أمام التقدم النسائي في المجال الاقتصادي، الشيء الذي يجعل المغرب يحتل المركز 140 على الصعيد العالمي في فرص المشاركة الاقتصادية للمرأة، وعلى الرتبة 139 في مؤشر المساواة بين الجنسين حسب التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.

ومن ناحية القانونية والحقوقية، تطرقت كل من القاضية نادية الحسناوي، ورئيسة اتحاد العمل النسائي،عائشة لخماس، كاشفتين ما تطرحه مدونة الأسرة من إشكالات على مستوى التطبيق وما يشوبها من العديد من الثغرات، حيث أن وجود مسافة بين النص والتطبيق، من شأنه على مستوى التطبيق توسيع الهوة بين التشريع والممارسة على أرض الواقع، مما يؤدي إلى وجود اختلالات وأعطاب تؤثر سلبا على الاستقرار الاجتماعي، وبروز العديد من الإشكالات والنتائج العكسية، الغير منتظرة، كالتحايل على القانون وتفسيره بشكل لا يتماشى مع أهداف المشرع، ويعرض بالتالي العديد من النساء والأسر إلى مصير مجهول، الشيء الذي يتطلب إعادة النظر في هذه الاختلالات وسد كل الثغرات، لكون المرأة هي الأسرة وهي المجتمع، نظرا لما تقوم به من مهام ومسؤوليات. 

وأوضحت رئيسة اتحاد العمل النسائي، أن القضية ليست قضية المرأة فحسب، وإنما قضية مجتمع، فالمرأة تعمل داخل البيت وخارجه، وقد أثبتت جدارتها في كل المجالات، وهي تضمن استمرارية الإنسانية، بكل أريحية وبكل حب، متسائلة لماذا يتضايق المجتمع من وجود المرأة في التعليم ، الصحة وغيرها من المجالات، مبرزة تأنيت الفقر وتدني أوضاع النساء اقتصاديا، وتراجع نسب النساء على المستوى الاقتصادي ، قائلة "أن المغرب لا يتقدم وإنما يتأخر".

وكشفت عائشة لخماس، بخصوص تراجع نسب النساء على المستوى الاقتصادي، قائلة: " بعدما كانت نسبة النساءاقتصاديا، تصل عام 1999إلى 30، % أصبحت تصل فقط إلى27%، وأصبحت عام 2017 فقط 21%"، مبرزة كيف تموت النساء المغربيات من أجل قفة كما حدث الأمر في مدينة الصويرة وباب سبتة، مضيفة أن هذا الأمر يطرح على المجتمع وعلى السياسات العمومية، انطلاقا من ذالك التاريخ إلى الآن أسئلة كبيرة، قائلة "نحن لا نريد أقوالا وإنما أفعالا"، ويجب أن لا نسمح باستمرار هذا الوضع، وعلى الحكومات أن تتحمل مسؤوليتها، وأن للقوانين دور مهم في إحقاق الحقوق وفي تحقيق ما هو بيداغوجي.