البروفيسور أمال مراني علوي: أخذ الأدوية لفترات طويلة يزيد من احتمالية التفاعلات الدوائية
+ الدكتورة أمال مراني علوي: صيدلانية إكلينيكية وبروفيسور بكلية الطب البيضاء
تتطرق البروفيسور أمال مراني علوي إلى مجموعة من المعلومات القيمة، التي تتعلق بصناعة الأدوية والتمييز بين الأدوية الأصيلة والجنيسة، وأهميتها في العلاج والشفاء، مؤكدة أن الأدوية سلاح ذو حدين، حيث تكون فعالة ونافعة في تحسين حياة المرضى إذا تم استعمالها بطرق صحية وتحت إشراف الطبيب والصيدلي، كما يمكن أن تكون ذات نتيجة عكسية وذات مضاعفات جد خطيرة في حالة استعمالها بطرق ملتوية وعشوائية.
حاورتها: حياة البدري
ما هي في نظركم أهمية الأدوية؟ وهل هناك أخطار صحية على متناولها ومتى يكون ذلك؟
الدواء هو مادة أو مواد، طبيعية أو مصنعة، معدة للاستخدام بغرض التشخيص أو التسكين أو المعالجة أو الوقاية من الأمراض، ومما لا شك فيه، أن تطور صناعة الأدوية مكن من علاج العديد من الأمراض التي كانت تعتبر قاتلة أو على الأقل من تحسين جودة حياة المرضى. لكن يبقى الدواء سلاحا ذا حدين، فإذا استخدم بالطريقة الصحيحة كان علاجا شافيا، وإن طوع لغير ذلك بطريقة عشوائية دون وصفة من الطبيب المختص، ودون مراعاة التعليمات المرفقة، قد يسبب مضاعفات خطيرة. ومن بين المواقف التي يمكن أن يصبح فيها الدواء خطيرا، نجد العلاج الذاتي. فتناول الأدوية ضرورة تفرضها حالة مرضية محددة وتخص شخصا معينا، وهذا يعني أن الأدوية التي يصفها الطبيب أو ينصح بها الصيدلي في حالة مرضية معينة، ليست بالضرورة تجدي نفعا للحالة المرضية نفسها عند شخص آخر، بل على العكس قد تشكل خطرا على حياته، وقد تسبب مضاعفات ربما أخطر من المرض الذي استدعى تناولها.
ما هي في نظركم أخطار وإيجابيات الأدوية، التي يتم أخذها طيلة الحياة كأدوية ارتفاع الضغط الدموي والكولسترول والسكري وغيرها؟
تستخدم هذه الأدوية لعلاج الأمراض المزمنة أو ما يسمى بالأمراض طويلة الأمد، وما يجب معرفته هو أن هذه الأدوية لا تهدف للتخلص الكلي من المرض، وإنما هي تهدف إلى السيطرة على هذه الأمراض لتجنب ظهور المضاعفات التي يمكن أن تكون وخيمة. وأول شيء يجب مراعاته، هو أنه لا يجب على المريض توقيف العلاج حتى لو كان يشعر بتحسن أو باختفاء أعراض المرض. ومن جهة أخرى، فتناول بعض الأدوية لفترة طويلة قد يزيد من احتمالية حدوث آثار جانبية معينة، وهذه الآثار تكون في الغالب معروفة، ويستحب أن يكون المريض على علم بها عند بداية العلاج ليتمكن من إخبار طبيبه المعالج أو الصيدلي عند الضرورة.
فتناول بعض الأدوية لفترة طويلة قد يزيد أيضا من احتمالية التفاعلات الدوائية، حيث يمكن لبعض الأدوية أن تتفاعل مع بعضها البعض فتزيد من الآثار الجانبية أو تقلل من فعالية العلاج، إن أبسط طريقة للتغلب على هذا الخطر هي إبلاغ الأطباء في كل استشارة جديدة وكذلك إبلاغ الصيدلي بجميع الأدوية التي يتناولها المرء ليتمكنوا من التحقق مما إذا كان هناك خطر لتفاعل دوائي أم لا.
لماذا في نظركم نجد بعض الأدوية ذات أثمنة مناسبة في حين تكون أخرى ذات أثمنة مرتفعة رغم أنها تلعب نفس الدور، هل الأمر يتعدى ذلك وتكون الأدوية المرتفعة أكثر أمنا على صحة متناولها كما يرى العديد من الناس؟
في مجال صناعة الأدوية، هناك ما يسمى بالدواء الأصيل والدواء الجنيس، ويعرف الدواء الأصيل على أنه دواء يتم تصنيعه وبيعه من قبل الشركة الدوائية التي قامت باكتشافه وتسجيله لأول مرة بعد أن أجرت عليه جميع الأبحاث والدراسات السريرية اللازمة لإثبات فعاليته ودرجة أمانه، حيث تحصل الشركة على براءة اختراع يعطيها الحق وحدها في إنتاج الدواء لمدة زمنية معينة، وبعد انتهاء هذه المدة، يمكن لشركات منافسة أن تسوق الدواء الجنيس. ويعد الدواء الجنيس نسخة عن الدواء الأصيل بسعر أقل مما يجعله متوفرا لشريحة أكبر من المرضى. وجدير بالذكر، أن انخفاض سعر الدواء الجنيس لا يعني أنه أقل فعالية من الدواء الأصيل أو أكثر ضررا، وإنما يعود سبب الانخفاض بالسعر أساسا إلى أن التكاليف المترتبة على تصنيع الأدوية الجنيسة وتسجيلها من قبل الشركات أقل بكثير لأنها لا تستلزم تكاليف البحث والتطوير. لكن قبل منح ترخيص التسويق، تلزم مديرية الأدوية والصيدلة الشركة المصنعة على القيام بدراسة التكافؤ الحيوي للدواء الجنيس، والتي تثبت أنه يمكن استخدامه كبديل، ويتوفر المغرب على مركز مختص بدراسة التكافؤ الحيوي للأدوية الجنيسة.
متى يمكن أن تتسبب الأدوية في عاهات مستديمة للجنين؟
هناك عدة عوامل تؤثر على مدى تسبب الأدوية في عاهات مستديمة على الجنين، نجد من بينها نوعية الدواء وفترة الحمل. فقد قامت الإدارة الأمريكية للغذاء والدواء بتصنيف الأدوية إلى خمس فئات (A B C D X) حيث إن الفئة (A): وهي الأدوية التي أثبتت الدراسات الإكلينيكية أنها آمنة تماما على الأم والجنين مثل دواء الباراسيتامول، أما الفئة (X): فهي الأدوية التي أثبتت الدراسات الحيوانية والإكلينيكية تأثيرها المشوه للجنين مثل دواء الايزوتريتينوين (علاج حب الشباب) وحمض الفالبرويك (علاج الصرع)، حيث لا يجوز بتاتا إعطاء هذه الفئة من الأدوية للمرأة الحامل، كما يجب على النساء في سن الإنجاب، استخدام وسيلة منع الحمل أثناء فترة العلاج، وكذلك لعدة شهور بعد التوقف عن العلاج. ويعتبر الشهرين الأولين من الحمل الفترة الأكثر خطورة على الجنين، خلال الفترة الجنينية، وهي مرحلة تكوين الأعضاء (من اليوم الثالث عشر إلى اليوم السادس والخمسين بعد الحمل حيث (تكون مخاطر الضرر المورفولوجي (=التشوهات الخلقية) أكبر. وبشكل عام، يجب توخي الحذر طوال فترة الحمل، حيث لا ينبغي للمرأة الحامل تحت أي ظرف تناول دواء أو مكمل غذائي أو أعشاب دون التحقق من سلامتها، وذلك باستشارة طبيبها أو الصيدلي.
ما هي أهم النصائح التي يمكنكم تقديمها للمغاربة بخصوص استعمالات الأدوية؟
الدواء علاج فعال وآمن فقط إذا تم تناوله حسب الوصفة الأصلية وبمراعاة التعليمات المرفقة، ويمكن أن يكون للعلاج الذاتي عواقب وخيمة خاصة لدى كبار السن والأطفال والحوامل، لهذا يجب على المريض قبل الالتزام بعلاجه أن يفهم مرضه ومصلحة علاجه وكذلك المخاطر التي قد تصادفه، فيجب ألا يتردد في سؤال الطبيب والصيدلي واستفسارهما معا عن جميع المعلومات المفيدة والابتعاد عن أي مصدر مشكوك فيه للمعلومات.