mardi 15 janvier 2019

العنف ضد النساء ..عنف غير محدود وأرقام مؤلمة



حياة البدري
عنف غير محدود وأرقام مهولة؟ !!!
قتل، حرق، ضرب وجرح، طرد من بيت الزوجية، ردة حقوقية في صفوف النساء، تعنيف وتمييز وتعذيب نفسي ومعنوي، حالات عنف كثيرة ومتنوعة، تطال مختلف الفئات النسائية، المتعلمة وغير المتعلمة، الشابة منها وغير الشابة، ببيت الزوجية وخارجه، بالمناطق الحضرية وشبه الحضرية والقروية، بكل المدن والأقاليم المغربية وجهاتها، عنف بكل المقاييس، لا يزال يرخي بأسدلته القاتمة بالرغم من أن المغرب  يعد من بين أولى الدول التي دافعت عن الحقوق الإنسانية للنساء، من خلال مصادقته عن العديد من الاتفاقيات والتوصيات الدولية وما رسخه دستور2011. فالعنف لا يزال يكرس في واضحة النهار وأمام الملأ ويعتبر مجرد "اضسارة والسكوت عنه خسارة"من قبل الحكومة، في حين هو جريمة في حق الإنسانية، تجب معاقبتها بقانون جازم وصارم وملائم، هذا ما خلص إليه اتحاد العمل النسائي ، أثناء الندوة الصحفية التي قدم خلالها التقريرالسنوي للعنف لشبكة النجدة والإيواء لسنة 2018 . 
قدم التقرير الذي قدمته جمعية ومراكز اتحاد العمل النسائي خلال هذه السنة، انطلاقا من الحالات التي يستقبلها والتي وصلت إلى 9500 حالة، صورة بخصوص ملامح ممارسي العنف ومواصفاتهم  وعلاقة الضحية بهم، بالإضافة إلى التعريف بمواصفات المعنفات والفئة الاجتماعية التي يمثلنها، كما عمل على تقديم الخدمات التي تقدمها مراكز النجدة للناجيات على مستوى الدعم القانوني والنفسي والاجتماعي والبرامج الموازية الموجهة لفائدة هؤلاء النساء، ويعد هذا التقرير مسائلة للدولة عن مدى توفير آليات الحماية والتكفل بهن في المناطق التي ينتمين إليها.
إشكالات على مستوى النص والتطبيق بخصوص المدونة
بالرغم من كل المجهودات التي بدلت من أجل تغيير وتعديل مجموعة من القوانين كمدونة الأسرة، قانون الجنسية وقانون الشغل وإقرار بعض التدابير الهادفة إلى تحسين التمثيلية النسائية في المجالس المنتخبة  ومواقع المسؤولية، تبين بخصوص مدونة الأسرة أنه بعد مرور 14 سنة على تطبيقها ظهور العديد من  الإشكالات  سواء على مستوى النص أو التطبيق، مما يستلزم مراجعتها قصد ملائمتها مع الاتفاقيات الدولية ومع دستور2011، ومع القوانين التي تم إخراجها تفعيلا للدستور، كالقانون المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، قانون محاربة العنف ضد النساء وقانون الاتجار بالبشر.  فهذه التدابير لم ترق إلى مستوى تطلعات ومطالب الحركة النسائية ونضالاتها ولا تنسجم مع ما يتطلبه السياق الوطني والدولي من إقرار فعلي للمساواة.
أرقام التقرير مجرد جزء مما تعانيه النساء
الأرقام التي يقدمها تقرير شبكة مراكز النجدة والإيواء باتحاد العمل النسائي لسنة 2018، إلا جزء مما تعانيه النساء المغربيات المعنفات، وهن النساء اللواتي تمكن من الوصول إلى مراكز النجدة والبوح بمعاناتهن، والعمل على فضح الظاهرة وتأثيرها السلبي عليهن وعلى أسرهن وعلى المجتمع، بالإضافة إلى تكلفتها المرهقة لكاهل النساء وللدولة نفسها، (تكلفة العلاج، تكلفة التوقف عن العمل، تكلفة التنقل بين المحاكم والمستشفيات ومراكز الشرطة لتقديم الشكاية أو رفع دعوى أو إعداد الوثائق اللازمة لذلك)، ك(الشهادة الطبية، الصور، ووثائق الاثبات)، ومايترتب عن هذا الوضع من عنف نفسي وانعكاسه عليهن وعلى أطفالهن واستقرارهم.
 التقرير معطيات إحصائية وتحليلية
تقرير اتحاد العمل النسائي، بخصوص العنف الممارس على النساء، هو استعراض لمعطيات إحصائية وتحليلية حول حالات العنف التي استقبلتها شبكة مراكز النجدة والإيواء التابعة لاتحاد العمل النسائي في كل من الرباط الدار البيضاء، القنيطرة، فاس،مكناس، العرائش، طنجة، تطوان، سطات، خريبكة، أبي الجعد، مراكش،أسفي، اكادير، الراشيدية والداخلة، وهي معطيات تعرف بطبيعة العنف الذي تتعرض له النساء والطفلات، وأنواعه: الجسدي منه أو النفسي أو الجنسي أو الاقتصادي.
النساء المعنفات حسب المناطق
فقد ركز التقرير الذي قدمه اتحاد العمل النسائي على توزيع النساء المعنفات حسب المناطق التي وفدن منها، فهناك المناطق الحضرية والتي تصل نسبة الوافدات منها إلى مراكز اتحاد العمل النسائي إلى .1857% ، المناطق شبه حضرية وتصل نسبة الوافدات منها إلى 23.95% ، ثم المناطق القروية وتصل نسيتها إلى 18.85%.
نسب العنف حسب الفئة العمرية
تصل نسبة العنف الذي يطال النساء المعنفات اللواتي يبلغن أقل من 18 عاما إلى 04.62%، أما النساء اللواتي يبلغن ما بين 18 و28 عاما فتصل إلى 44.48 % واللواتي يبلغن مابين 29إلى 39 فتصل إلى 23.25 %، واللواتي يبلغن مابين 40إلى 50 فتصل إلى نسبة 09.37% أما النساء اللواتي تترواح أعمارهن مابين 51 و61 فتصل نسبة العنف لديهن إلى 17.27%.
نسب العنف حسب المستوى الدراسي
تبرز نسب العنف الممارس على النساب حسب تقرير اتحاد العمل النسائي، انطلاقا من مستواهن الدراسي، في كون النساء اللواتي يعانيين من الأمية هن من يحتلن نسب العنف الكبرى، حيث تصل نسبة العنف في صفوفهن إلى 32.53% ، وتليها نسبة النساء اللواتي يحصلن على مستوى دراسي ابتدائي 27.24%، النساء اللواتي يحصلن على مستوى دراسي ثانوي 11.44 %، ثم نسبة اللواتي يصلن إلى مستوى جامعي04.8 ثم اللواتي يصلن إلى المستوى غير الجامعي فيصل إلى 1.78 % .
العنف حسب عمل الناجيات
تتربع النساء اللواتي يشتغل ربات بيوت على قائمة نسب العنف انطلاقا من العمل الذي تزاوله النساء الناجيات من العنف، حيث تصل نسبة العنف لدى ربات البيوت إلى 48% ، العاملات إلى 11.20%  ونسبة العنف لدى النساء اللواتي يشتغل في مهن حرة، فتصل إلى 07.13% ، ونسبة النساء العاطلات تصل إلى 08.67 %، ونسبة التلميذات والطالبات فتصل إلى 3.52%، ونسبة المتقاعدات فتصل إلى 01.64%، ونسبة العنف لدى النساء العاملات بالبيوت فتصل إلى 12.43%، ثم نسبة العنف لدى الموظفات 07.41%.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن وضع النساء لا يزال مأساويا وكارثيا مع كثرة الاغتصابات والقتل الذي لايزال يمارس في حقهن بالإضافة إلى التفقير والأمية والبطالة وكل أنواع الاستغلال والاستنزاف الذي لايزال يطالهن.. والتبخيس والدونية والتشييء الذي لازال يخيم عليهن...
 للأسف لا تزال وثيرة العنف تتزايد وتستمر وتتنوع، وهي مثل الحرباء في تلونها مع الموقع الذي توجد فيه... فما الحل للوقوف أمام وحش التعنيف الذي لا يزال ينتشر بشكل أخطبوطي على الحقوق النسائية ويعمل على كبح تقدمهن؟؟.. فلابد من الوقوف بصلابة وبشكل موحد ومنسق أمام هذا الوحش الأرعن... ولابد من التشبيك بين كل الفعلين والفاعلات في المجال الحقوقي والإنساني من أجل ردعه وإيجاد حلول جذرية لمحاربة التعنيف بكل أنواع في البيت والشارع والعمل وفي كل المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية...فلابد من ملائمة القوانين وأجرأتها ولابد من تغيير مدونة الأسرة بشكل ملائم لكل التغييرات والتحولات التي عرفها المغرب على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والدولي وجعلها ملائمة لكل ما صادق عليه المغرب من حقوق ومواثيق حقوقية وإنسانية دولية ولابد من العمل بشكل عقلاني وجاد من أجل تغيير العقليات الذكورية لدى النساء والرجال ...تلك العقليات التي لا تزال تكرس العديد من الصور النمطية التي تبخس القيمة الإنسانية للنساء ولحقوقهن... وتجعلهن إنسان من الدرجة الثانية وتعمل على استنزاف طاقاتهن ومجهوداتهن...