حياة البدري
احتضنت مدينة فاس، ابتداء من 24 إلى غاية 26 نونبر الجاري، بمبادرة من جمعية
دار الفن، الدورة الأولى لمهرجان دار الفن الدولي للمسرح وفنون الفرجة، حيث عرفت
هذه التظاهرة الثقافية، التي حملت اسم الراحل محمد الكغاط، وجاءت بهدف تقريب
الفرجة المسرحية من شباب المنطقة والمساهمة في تطويرالطاقات الإبداعية لديهم، مجموعة
من الفعاليات والأنشطة.
التظاهرة الثقافية لمهرجان دار الفن، عرفت عروض مجموعة من الفرق المسرحية، من دول
عربية وأوروبية، منها مصر، وفرنسا، وبلجيكا، وتونس بالإضافة إلى فرق مسرحية مغربية
من مدن العرائش وخريبكة ومراكش، بالإضافة معارض فنية و ورشات تكوينية
في المسرح والتعبير الجسدي
والسيرك، وندوات فكرية أطرها عدد من المسرحيين.
كما نظم مهرجان دار الفن، بدورته الأولى، ضمن فعالياته المتنوعة والفنية،
ندوة فكرية تطرقت لموضوع "المسرح المغربي، وأسئلة الدراماتوجيا"،
تم التطرق فيها إلى مجموعة من التجارب المسرحية القديمة والمعاصرة، كتجربة الراحل
صاحب دورة المهرجان "محمد الكغاط" وتجربة مكرم الدورة "محمد
التسولي".
وتطرق المخرج المسرحي "حسن علوي مراني" خلال هذه الندوة الفكرية،
أثناء حديثه عن تجربته خصوصا حول الاشتغال على مسرحيتي: "لعبة الحرية"
و"تمارين في التسامح"، بأن الدراماتورج أصبح ضروري في المسرح، باستثناء
بعض التجارب التي يكون فيها الدراماتورج هو مؤلف العمل المسرحي، منوها بتجربة كل
من الراحلين "محمد الكغاط" و"محمد تيمود".
وأبرز حسن علوي مراني، أن بالرغم من اشتغال كل من "محمد الكغاط"
و"محمد تيمود" بأدوات بسيطة في سنوات ماضية، إلا أنهما اشتغلا بشكل
الدراماتورج، لأعمالهما المسرحية الراسخة في ذاكرة المغاربة، حيث كان الكغاط ، يضع
الفضاء العام لعمله المسرحي، أثناء كتابته النص المسرحي، وكان ملما كذلك بتقنيات
الخشبة، مؤكدا أن الدراما الجديدة مهمة في الوقت الحالي، لإعادة الجمهور إلى قاعات
العروض التي أصبحت تعرف عزوفا كبيرا.
ومن جهة أخرى قال الدكتور "عبد الفتاح ابطاني" أن المسرح هو
عبارة عن لغات درامية متعددة ومتكاملة، وأن هناك مجموعة من الصيحات التي تعالت حول
هذا الفن منذ القدم، مضيفا أن التجديد يبقى مجالا خصبا، كلما تجددت الحياة، وعرفت الإنسانية
البشرية تغيرات على كل المستويات. وأنه كلما استطاع المسرحيون السمو
بالمسرح، إلا وسيفيد البشرية، متسائلا حول إلى أي مدى يساير المسرح المغربي، الركب الفني المسرحي؟
وفي نفس السياق، أكّد أبطاني، على
أن التنوع في الكتابة، يعطي التنوع في العروض، ومساحات في الإبداع، قد تتجاوز
المعتاد، مشيرا إلى أن الدراماتورجية الحديثة تتأسس على معرفة تامة ودقيقة لمناهج
التحليل، يستيطع المتعامل معها، تقديمها فوق الركح وبلورتها وزرع الروح فيها، مما
يمكنها من تحقيق تجاوب مع المتلقين.
وخلص"عبد الفتاح ابطاني"
إلى أن الراحل "محمد الكغاط" كان له نصيبا كبيرا في طرح أسئلة حول
الدراماتورجيا ، حيث كان ممثلا، ومخرجا ومؤلفا ومدرسا للمسرح في رحاب الجامعات، وكان
أول من درّس التحليل الدراماتورجي بالمغرب، وقاوم كل الجهات، ليرقى باحترام لائق للمسرح
في الوطن، مبرزا، أنه لم يكن في كتاباته الدرامية، رجلا سياسيا أو مرشدا دينيا أو
مستشهرا فنيا، وأن كتاباته كانت وما تزال شاهدة على دراماتورجيا إنسانية دافع فيها
عن الإنسان.