تعرف على الأسباب الحقيقية وراء نتانة النفس
إعداد: حياة البدري
تتنوع وتختلف أسباب رائحة الفم من شخص إلى آخر ومن سبب إلى آخر، وإن كان العديد من الناس من يرجعون السبب الرئيسي إلى عدم الأكل وشرب الماء وإلى الحميات الصارمة، في حين يتعدى الأمر هذا إلى أسباب أكثر خطورة، خصوصا في حالة الاستمرار في إهمالها وعدم معرفة ومعالجة مشاكلها الجذرية.
يرجع العديد من الناس سبب رائحة الفم غير المستحبة إلى عدم تناول وجبة الفطور، وعدم شرب المياه وإلى الحمية وعدم تناول الطعام طيلة اليوم، في حين يرى المختصون أن الأمر لا يقف عند هذا الحد، بل يتعداه إلى كون رائحة الفم الكريهة قد تكشف عن الإصابة بالعديد من الأمراض كمرض السكري والكليتين واللوزتين والمعدة واضطرابات في عمليات الأيض وانتشار البكتيريا وعلقها بالفم والجسم.
جفاف الفم
يرى أهل الصحة أن اللعاب الذي يشكل مادة «مزلقة» بالفم يلعب دورا هاما في تنظيفه، ويتسبب جفاف الفم، في تراكم الخلايا الميتة على اللسان، اللثة وعلى الجزء الداخلي من الخد، فتتعفن هذه الخلايا وتسبب في رائحة الفم كريهة، وعادة، ما يصاب الفم بالجفاف خلال النوم، مما يسبب نتانة الفم في الصباح، ويتفاقم جفاف الفم عند النوم والفم مفتوح، ناهيك عن تناول بعض الأدوية، والاضطرابات في الغدد اللعابية التي من الممكن أن تؤدي إلى جفاف الفم المزمن.
مشاكل بالأسنان وإهمال نظافتها
يمكن أن يؤدي مرض دواعم الأسنان وعدم المحافظة على صحة نظافتها بشكل كاف وبطرق صحيحة، إلى تواجد رائحة كريهة بالفم، حيث في حالة عدم تنظيف الفم وفرك الأسنان بشكل يومي، تتراكم بقايا فتات الطعام داخل الأسنان وحولها فتسبب رائحة العفن وتتجمع الجراثيم وتطلق أبخرة (كبريتيد الهيدروجين)، فتؤدي إلى استثارة اللثة والتهابها، وتعفن الأسنان من خلال تراكم طبقة شفافة ودقيقة من الجراثيم، وتكدس اللويحات وتكون الأكياس المليئة باللويحات بين الأسنان واللثة، مما يزيد من خطورة المشكلة ومن نتن النفس أيضا، كما تساهم (الأسنان الاصطناعية) التي لا يتم المواظبة على تنظيفها جيدا، ولا تكون مناسبة للفم كما ينبغي في تشكيل مرتع لبقايا الطعام، التي ستجمع الجراثيم وتطلق روائح كريهة.
التبغ والحميات الغذائية الصارمة
يسبب التدخين جفاف الفم، بالإضافة إلى الرائحة الكريهة النابعة من التبغ نفسه، فالأشخاص الذين يدخنون التبغ يعتبرون أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بأمراض دواعم السن، التي تسبب نتن النفس، كما تتكون لدى الأشخاص الذين يعتمدون الحميات الغذائية رائحة نتنة شبيهة برائحة الفواكه، يعود سببها إلى (الحماض الكيتوني) وتلف وتعفن مواد كيماوية نتيجة للصوم.
أمراض الحلق والأنف
ترتبط رائحة الفم الكريهة، حسب المختصين، بتواجد تلوثات بالحلق والأنف والتهاب الشعب الهوائية، حيث قد تسبب تلوثات الحلق في رائحة فم كريهة طيلة فترة وجودها، ولا تزول إلا في حالة الشفاء من العدوى، كما يعد التهاب الشعب الهوائية (التهاب القصبات - Bronchites) والتلوثات الأخرى في المسالك التنفسية العلوية، المصحوبة بالسعال الذي يخرج البلغم ذا الرائحة، مصدرا إضافيا لمرض «نتن النفس»، وأيضا تلوثات الجيوب الأنفية، والإفرازات التي تكون بالأنف والجيوب الواصلة إلى الجزء الخلفي من الحلق، سببا في الرائحة الكريهة بالفم لدى الأشخاص الذين يعانون من «نتن النفس»، كما قد يكون السبب جسما غريبا عالقا في الأنف، حيث إن أي جسم غريب صغير عالق في الأنف من الممكن أن يؤدي إلى إفرازات مستمرة من الأنف ويسبب رائحة عفونة.
الأطعمة المتوفرة على الدهنيات الطيارة
يرى مختصو التغذية والصحة أن تناول الأطعمة، التي تحتوي على الدهنيات الطيارة، وبعض الخضروات والبهارات يشكل سببا إضافيا لنتن النفس وانبعاث الرائحة الكريهة من الفم، إذ بعد تناول وهضم هذه الأطعمة يتم امتصاص الدهنيات المسببة لرائحة الفم الحادة في الدورة الدموية، ومن هناك تصل إلى الرئتين ثم تخرج عن طريق النفس، حتى تزول كليا من الجسم، ويعد الثوم والبصل الأكثر شيوعا في هذه الأطعمة، حيث يمكنهما أن يتسببا في «نتانة النفس» لفترة تستمر حتى 72 ساعة بعد تناولهما.
التهاب اللوزتين وأمراض الرئتين
ينصح المختصون، في حالة بقاء رائحة الفم الكريهة، رغم تنظيف الأسنان واللسان بصورة جيدة وصحيحة، بوجوب مراجعة أخصائي أمراض الأنف والأذن والحنجرة، لأنها تكون علامة على التهاب اللوزتين المزمن، جراء بكتيريا تتراكم في تجاويف اللوزتين، كما قد تظهر الرائحة الكريهة جراء أمراض خطيرة في الرئتين، فالتلوثات المزمنة و«الخراج» في الرئتين من الممكن أن تؤدي إلى رائحة عفونة حادة جدا، ويمكن للأطباء في مرحلة معينة تشخيص رائحة سرطان الرئة.
مرض السكري والمعدة
يقول البروفيسور «أوي هيمان» من مؤسسة «كلينيكوم» إن ظهور الرائحة الكريهة المختلطة برائحة الفاكهة تساعد الأطباء على تشخيص معاناة الشخص من عدم إفراز جسمه كمية الأنسولين اللازمة، نتيجة عدم التحكم بالمرض أو عدم تشخيصه، كما قد يكون سبب هذه الرائحة اضطرابات في الجهاز الهضمي أو الجوع لفترة طويلة، إذ إن الرائحة الكريهة للفم تشير إلى وجود تغيرات مختلفة في المعدة، ويمكن للجريان الرجوعي المزمن لعصارة المعدة أن يؤدي إلى رائحة كريهة، ويبرز البروفيسور أن رائحة المعدة المميزة «حامضية»، وهي تظهر أيضا في حالة الالتهابات والأورام والغازات التي تخرج عن طريق الفم، مما يفسد التنفس.
أمراض الكلى والفشل الكبدي
يبرز المختصون أن ظهور رائحة تذكر بالبول في الزفير تشير إلى ضعف الكلى أو قصورها وفشلها عادة، حيث عندما لا تعمل الكلى كما يجب تصل المواد الملوثة التي تطرح مع البول عادة إلى الرئتين عن طريق الدم وتطرح خارج الجسم عن طريق عملية التنفس، مما يسبب ظهور الرائحة الكريهة، بينما تدل الرائحة الشبيهة برائحة السمك في المعاناة من الفشل الكبدي.
الوقاية من رائحة الفم
يشير البروفيسور «أوي هيمان» من مؤسسة «كلينيكوم» التابعة للجامعة التقنية بميونخ إلى أن أسباب الرائحة الكريهة المنبعثة من الفم متنوعة ومختلفة، وعادة ما تكون غير ضارة ويمكن التخلص منها بالعناية بصحة الفم، فالبكتيريا تفرز الكبريت عند تحلل اللعاب وبقايا الطعام بين المسافات الفاصلة بين الأسنان، حيث تتسبب البكتيريا التي تعيش في تجويف الفم نتيجة عدم تنظيف الأسنان بصورة صحيحة إلى التهاب اللثة وتسوس الأسنان وظهور الرائحة الكريهة، كما يؤدي عدم تنظيف اللسان أيضا إلى تفاقم المشكلة، ولهذا ينصح المختصون بوجوب استخدام الخيط لتنظيف الفواصل بين الأسنان واعتماد الأدوات المعدة لتنظيف الأسنان وهي بحالة جيده وغير مهترئة والخضوع للفحص بشكل دوري وثابت عند طبيب الأسنان، مع الحرص على معرفة الطرق المتبعة والحديثة للتخلص من رائحة الفم الكريهة، والإكثار من شرب الماء للتخفيف والتخلص من رائحة الفم، وفي حالة استمرار هذه الرائحة الكريهة بالرغم من المواظبة على النظافة الصحيحة وبالطرق الصحيحة للفم وللأسنان، يجب زيارة طبيب الأسنان والطبيب الخاص للبحث عن السبب الرئيسي، لأن الرائحة الكريهة قد تخفي وراءها مرضا خطيرا، وقد تكون علامة على حالة مرضية لا يعلم بها الشخص نفسه، ولا تظهر أعراضها إلا عند تطورها إلى مرحلة حرجة فقط.